فترة عصيبة تمر علينا جميعًا. ليس أن الأمر كان سهلًا من قبل، ولكن هناك شعور بالضيق اليوم أكثر من أي وقت مضى بسبب عدم اليقين بشأن المستقبل. في قلوب آلاف المواطنين القلقين الذين خرجوا للتظاهر في الشوارع، لم يمت الأمل بأن التغيير ممكن. ليس هذا هو الحال عندما يتعلق الأمر بنا، الفلسطينيين، مواطني هذه الدولة. الكثير منا فقدوا الأمل منذ وقت طويل ، وأعتقد أنه من الصعب بالفعل بالنسبة للكثيرين أن يحلموا أو يتخيلوا مستقبلًا أفضل. الكثير من الفلسطينيين في إسرائيل كل همهم هو البقاء، البقاء على قيد الحياة فقط: جلب لقمة العيش  للمنزل مع الأمل لعدم التعرض لإطلاق نار طائش في الطريق إلى العمل أو منه.

لكني أرفض الاستسلام لليأس. على الرغم من الواقع القاسي والصعب، أسمح لنفسي أن أحلم وأتخيل مستقبلًا مختلفًا. مستقبل نعيش فيه جميعًا، عربًا ويهود، بكرامة. يشكل الاحتجاج في الشوارع درسًا سريعًا في المدنيات للمجتمع الإسرائيلي بأسره، وبالتالي فتح نافذة نادرة من الفرص. أحلم أن يؤدي ذلك إلى النتيجة الضرورية - أنه بدون شراكة ودمج واحتواء كل من يعيش في هذه البلاد.  وقبل كل شيء دون إنهاء الاحتلال، لن تكون ديمقراطية هنا.

أحلم أن يأتي اليوم ويكون أطفالي متساويين مع كل طفلة يهودية وكل طفل يهودي. يظهر عدم المساواة في إسرائيل في كل مكان في حياة الفلسطينيين، حتى لو كان غير مرئي لليهود. يخاف أطفالي من التحدث بلغتهم في القطار أو الحافلة، وفي كل مواجهة مع شرطي أو جندي اتجمد خوفًا ن المصير القاسي الذي قد ينتظرهم إذا لم يعجبوه. حياة الكثير من الشباب العرب - مثل محمد العصيبي أو إياد الحلاق - تنتهي بسهولة لا تُحتمل بسبب شرطي أو جندي تخيل أنه تحت التهديد. تبدأ إحدى الطرق الرئيسية لتعزيز المساواة بين اليهود والفلسطينيين بتعليم وتربية أطفالنا. أحلم أن تستفيد كل طفلة عربية وكل طفل عربي من نظام تعليمي ينهض بهم ولا يتركهم في الخلف.  بهذه الطريقة، سيكون لدى العرب  في إسرائيل أيضًا فرص عمل مناسبة، وفرص لتطوير أنفسهم ومواهبهم ورغباتهم.

أطفال اليوم هم مستقبلنا. قال الشاعر والقائد الكبير توفيق زياد: وأعطي نصف عمري للذي يجعل طفلًا باكيًا يضحك! في واقعنا اليوم، يبكي العديد من الأطفال: أطفال يدخل جنود منازلهم ليلاً ويرعبوهم، وأطفال لا يستطيعون الذهاب إلى المدرسة لأنهم يعيشون في قرى مسلوبة الاعتراف، وأطفال يعيشون بدون كهرباء ومياه جارية، وأعداد كبيرة من الأطفال الذين ينامون جائعين. هل فكرت يومًا في حياة طفل فقد والده أو والدته بسبب الجريمة المتفشية في الشوارع؟ الدولة تسلب الكثير من الأطفال متعة الحياة. أحلم أن نعمل جميعًا معًا لإعادة ابتسامتهم.

أنا أفحص أحلامي بعيون ناقدة، والحقيقة أن هذا يجعلني حزينة جدًا. إن أحلامي أساسية وبسيطة للغاية ويجب أخذها كأمر مسلم به في أي بلد عادي وطبيعي. يجب أن أحلم بأحلام أكبر: أن تكون ابنتي قاضية في المحكمة العليا - وليس عربية لطيفة! أن يتعلم الأطفال اليهود والعرب معًا في مدارس متعددة الثقافات؛ أن تكون مربيات عربيات مديرات لمدارس يهودية، أن يكون في إسرائيل رئيس وزراء عربي. أن تكون الحدود مع جول الجوار مفتوحة. لكن في الوقت الحالي، أريد التمسك بالأحلام الصغيرة وسآمل أنني وبعد  20 عامًا سأكون قادرة على إطلاق الأحلام الكبيرة المحبوسة في رأسي.

السؤال الذي يطرح نفسه، هو ما الذي يمكن فعله الآن لتحقيق هذه الأحلام. يقول المثل العربي "يد واحدة لا تصفق!" فهناك حاجة إلى يدين اثنتين لأداء مثل هذا الحركة الأساسية. إذا كانت اليد الأولى هي نحن، الفلسطينيون، مواطني دولة إسرائيل، فإن اليد الثانية هي اليهود مواطني هذه الدولة. من أجل إحداث التغيير واستعادة الأمل، يجب أن يكون النضال مشتركًا، وليس فقط من منطلق التضامن. يجب أن يعترف النضال بشراكة المصير والمستقبل المشترك؛ وعليه أن يعترف بأخطاء الماضي وأن يسعى إلى تصليحها، وكذلك يضمن عدم التسبب في المزيد من الظلم. نحن لسنا قبائل في هذه البلاد. تقسيمنا كقبائل يعزز الفصل وعدم المشاركة بيننا. لكننا سنثبت أنه من الممكن خلاف ذلك، صحيح أن اليدين مختلفتين، لكن يمكنهما العمل بشكل مشترك والتصفيق.

فعلى هذه الارض ما يستحق الحياة – محمود درويش

وأنا أقول أن هذا الأمر الذي يستحق الحياة، هو أطفالنا

ميسم جلجلوي، تخيلت إسرائيل 2030 في اطار مشروع "صورة النصر"

تحرير: توم الفياه