حزيران 2030. هذا هو اليوم الرابع لموجة حر شديدة. الساعة 14:00 ظهرًا ويسود الحر الشديد في جميع أنحاء البلاد. الشوارع فارغة. المحلات التجارية في الشارع والأسواق مغلقة. سيتم فتح مراكز التسوق المكيفة فقط  في وقت متأخر بعد الظهر حتى لا يضطر العمال للتنقل  في الشمس الحارقة. يتم فتح المدارس ورياض الأطفال والمؤسسات العامة في شكل مجتمعي، للسماح للسكان الذين يعيشون في المنطقة بالتواجد فيها بعد البقاء في المنزل لفترة طويلة. نظام الطوارئ في حالة تأهب قصوى: يوجد في كل حي خريطة للأشخاص المعرضين بشكل خاص للخطر من الحرارة وخلال النهار يتصل موظفو وموظفات الطوارئ بهم للاستفسار عن سلامتهم. الجميع معتاد بالفعل على مثل هذه الأيام. تعتبر موجات الحر والعديد من الأيام من الحرارة الشديدة  جزءًا من روتيننا ومن المتوقع أن تزداد سوءًا في العقود القادمة.

على الرغم من أن الحرارة الشديدة أصبحت جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية، فإننا نعيش اليوم، في عام 2030، ونحن على ثقة بوجود أولئك الذين يعتنون بنا وبأحبائنا، حتى في الظروف الجوية القاسية. من الصعب تصديق أنه قبل 7 سنوات فقط كان يُنظر إلى الحرارة على أنها قدر. كان الانشغال بارتفاع درجات الحرارة من اختصاص علماء الأرصاد الجوية وعلماء البيئة الذين حذروا من عواقب أزمة المناخ. في ذلك الوقت، أدرك عدد قليل من الناس الارتباط الوثيق بين مستوى تعرضنا لحالات الحرارة الشديدة وسياسة الإسكان وتخطيط المدن، والاستثمارات الحكومية في نظام الصحة والرعاية، والتفاوتات بين البلدات والمناطق والمجتمعات.

في نظرة إلى الماضي، كانت نقطة التحول هي صيف عام 2023. أدت سلسلة من موجات الحرارة إلى ضغط شديد على وحدات العناية المركزة بالمستشفى. كانت الممرضات والممرضين أول من اثاروا الحديث عن المشكلة. وبدعم من النقابة المهنية، بدأن في جمع المعلومات حول مكالمات قسم الطوارئ أثناء موجات الحر من أجل المطالبة برد من السلطات. سرعان ما أصبح واضحًا لهم أن منظمة العاملات الاجتماعيات تجمع أيضًا البيانات: حول الأسر التي تعاني من انقطاع التيار الكهربائي، وحوادث العنف المنزلي والميول الانتحارية، والمتعاملين مع الإدمان، وعصابات الشوارع وغير ذلك. فقررن تنظيم اجتماع قطري أول، الذي ربط المنظمات الأخرى بهذه القضية، مثل موظفات النويديات اللواتي لم يعد بإمكانهن إخراج الأطفال للعب في الخارج وموظفات الحضانات اللواتي يتعين عليهن أيضًا التعامل مع النفقات المتزايدة لسعر الكهرباء. ثم لم تتأخر المظاهرة الأولى، فيها تعاونت المنظمات العمالية مع المنظمات البيئية لمطالبة الحكومة والسلطات المحلية: تحمل المسؤولية عن سكان البلاد أمام عواقب أزمة المناخ.

كانت الفكرة بأن الحرارة مشكلة اجتماعية أساسية لنجاح نضال تركز على أسئلة مثل: من يمكنه تبريد المنزل ومن عليه التخلي عن الطعام أو الدواء حتى لا يقطعوا عنه الكهرباء؟ من يعمل في مكتب مكيف ومن يعمل بالخارج؟ ومن منهم أيضا يعمل في وظائف مسيئة؟ من لديه ظل في الحي؟ من لديه وسائل نقل عام فعالة ومن تبقى مع الاختيار بين التنقل في سيارة خاصة ووسائل النقل العام غير الموثوق بها، مع فترات الانتظار الطويلة في المحطات غير المظللة؟ أصبحت الحرارة قضية سياسية تربط المجتمعات التي تشترك فيما بينها بأشكال الظلم المناخي الذي تتعرض له.

من هنا، تم تشكيل تحالفات حول أبعاد مختلفة من التحدي. في الانتخابات المحلية في عام 2023، طالبت مجموعات من السكان المرشحين بالالتزام بمشاريع لتظليل الحيز العام. كانت الخطوة التالية هي مطالبة الحكومة بتخصيص ميزانيات أكبر لغرض التظليل بجانب تعليمات ملزمة لوضع حنفيات للماء البارد في الأماكن العامة. تم حشد تحالف واسع من المنظمات لإجراء تجديد وصيانة للشقق والمباني لضمان تمتع الجميع بالراحة المناخية في المنزل. تعاونت منظمات الركاب والعاملين في المواصلات العامة في المطالبة بتظليل محطات الحافلات في جميع أنحاء البلاد. عملت المنظمات العمالية على تكييف التشريعات لحماية العامل مع ظروف المناخ المتغير مع زيادة المراقبة على الأعمال التي تقام في الخارج. أيد الجميع التشريع الثوري الذي يمنع قطع التيار الكهربائي عن المدينين.

إلى جانب الاستثمارات الكبيرة، تم إنشاء خيارات جديدة للوظائف الخضراء، مثل وظائف استشارات للعائلات حول كيفية زيادة كفاءة استخدام الطاقة، مما خلق الآلاف من فرص العمل الجديدة، لا سيما في المجتمع العربي وبين الحريديم. أدى الضغط العام الواسع النطاق إلى زيادة الطلب على المزيد  الوظائف في التمريض والعمل الاجتماعي إلى جانب تحسن كبير في ظروف العمل من أجل جذب المزيد من الموظفين والموظفات إلى هذا المجال. كما أدى الطلب على تجديد المباني للتكيف مع قسوة الطقس إلى خلق فرص جديدة وساهمت ظروف المناقصات العامة في تحسن كبير في ظروف عمل العمال في مجال البناء.

الصورة ليست وردية كلها. لا يزال المناخ يزداد احترارًا ولا يزال أمام إسرائيل الكثير لتفعله للمساهمة بدورها في الجهد العالمي لتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. ومع ذلك، نحن على طريق التعامل مع الأزمة مع تحسين نوعية وجودة حياتنا جميعًا.

ميارا هانسون تخيلت إسرائيل 2030 ضمن مشروع "صورة النصر".

تحرير: توم الفيا