منذ 4 سنوات، منذ ثورة تشرين الثاني 2024، وصعود الحكومة الحالية - تتغير دولة إسرائيل نحو الأفضل. لا يزال أمامنا طريق طويل وصعب حتى تحقيق العدالة الاجتماعية الكاملة والقضاء على الفقر والمصاعب المادية واقتصاد ديمقراطي حقيقي، لكننا نقترب كل يوم من هناك، ويمكننا اليوم أن نقول بالفعل إننا نعيش في واقع أفضل مما ساد هنا قبل ست سنوات.

كيف فعلنا ذلك؟ أولاً، من خلال التغيير العميق في تصورنا "للقيمة" - في الماضي كان أولئك الذين كانت قيمة عملهم بالنسبة للمجتمع سلبية هم الذين اكتسبوا الثروة والنجاح. من قاموا باستغلال العمال، والاحتيال على الزبائن، وبتدمير الموارد الطبيعية، كانوا يحصلون على المكافآت ويحظون بمكانة مرموقة، بينما في الماضي، الأشخاص الذين يساهم عملهم ويضيف قيمة إلى المجتمع ككل - المعلمون والعاملين في مجال الرعاية الاجتماعية والممرضات وسائقي المواصلات العامة وغيرهم – عملوا بأجور مذلة وظروف مذلة. وهكذا ترسخ تصور مشوه وعنيف فيما يتعلق بدور الدولة وما هي "القيمة" الحقيقية وكيف يتم إنشاؤها.

وضع الدستور الاقتصادي الجديد، الذي نُشر بعد شهرين من صعود الحكومة، قيمًا جديدة في أساس النظام السياسي والاقتصادي. أشياء مثل الصحة أو التعليم أو الرفاهية أو المسكن، والتي كانت حتى تلك اللحظة منتجات أو رأس مال يمكن التداول به، أصبحت حقوقًا إنسانية أساسية، مما أجبرنا جميعًا على التفكير خارج الإطار الضيق الذي سمح لنا به التصور السابق، وإيجاد حلول حقيقية وشاملة لصالح الجمهور. حصل الجمهور، من خلال الحكومة، على ملكية متجددة لموارد الدولة، والتي كانت حتى تلك اللحظة تخدم بشكل أساسي حفنة من الأغنياء للغاية، وأعاد توزيعها بطريقة تسمح لجميع الناس في البلاد بالعيش بكرامة.

حررت قوانين العمل الجديدة الناس من الاستغلال والاضطهاد الذي عانوه كعمال. من خلال المنظمات العمالية الديمقراطية، التي استحوذت على ملكية أماكن العمل نفسها، ورأس المال الذي أدارته والأرباح والقيمة التي خلقتها، نجحنا ليس فقط على توزيع نفس القيمة بشكل أكثر عدلاً، ولكن أيضًا في تغيير مفهوم العمل نفسه بشكل جذري.

شبكة الأمان الاجتماعي التي تم نشرها، وهي شبكة لم تسمح للناس بالغرق في الفقر والضيق، سمحت لنا جميعًا بالتوقف عن العيش من أجل العمل - للضغط على أنفسنا جسديًا وعقليًا فقط لزيادة خط الربح لصاحب العمل، والبدء بالعمل من أجل العيش. مع المزيد من الأجور العادلة، وحياة جديدة من الراحة، زادت الرفاهية العامة، وأدت أيضًا إلى ازدهار ونمو المبادرات الجديدة، التي أفادت المجتمع ككل.

المسؤولية المتجددة التي أخذتها الدولة على عاتق النظام المالي والمصرفي، أدت إلى نشوء نظام رأسمال يعمل من أجلنا، لا أن نعمل نحن من أجله. اليوم، البنوك وصناديق رأس المال الكبيرة مملوكة لعامة الناس، ومملوكة للحكومة والنقابات العمالية والتعاونيات، والتي تضع البنية التحتية المالية للاستثمارات والأموال المخصصة للأغراض المفيدة، بدلاً من المضاربة والسعي وراء الجشع. لم تحررنا الثورة المالية من الخوف المستمر من الانهيارات المنهجية وفقدان جميع ممتلكاتنا بسبب المراهنات المجنونة لبعض الأشخاص فحسب، بل خلقت أيضًا نظامًا ديمقراطيًا خصص موارد غير مسبوقة للأغراض المفيدة، بما في ذلك البحث العلمي والتكنولوجي والثقافي. الذي كان حتى ذلك الحين قد اختنق بسبب الافتقار إلى الميزانية.

لكن الأهم من ذلك كله، هو أننا أثبتنا في السنوات الأخيرة القوة والقيمة الكامنة في دمقرطة الاقتصاد الحقيقية. لم تعد حياتنا ومستقبلنا تتشكل من قبل مجموعة مغلقة من أصحاب الرأس مال، والخبراء أو المهنيين الذين يعملون لصالحهم، فقد أصبحت منفتحة على نقاش عام وديمقراطي واسع. إن بناء وتعزيز المؤسسات والهيئات الديمقراطية التي تتخذ القرارات الاقتصادية والمالية والتخطيطية وبالطبع القيم والمبادئ، هي الثورة الاقتصادية الحقيقية. يدرك الجمهور الإسرائيلي بأكمله اليوم أن القدرة على تشكيل مصيره تقع بيده، وليس لديه الحق فحسب، بل يمتلك أيضًا الأدوات اللازمة لتخيل وحلم الأفضل في العالم، ومن ثم التنظم والنضال من أجل بنائه. 

أرنون بيليغ هو عضو في  منظومة البودكاست "صرخة توعية" من بيت روزا ميديا. تصوّر إسرائيل 2030 كجزء من مشروع "صورة النصر".