حتى قبل وقت قريب، كانت أزمة السكن واحدة من أصعب المشاكل التي واجهناها. لعقود من الزمان، كانت الطبقات المتوسطة والدنيا تعاني من ارتفاع أسعار المساكن. لكن اليوم، في عام 2030، يمكننا أخيرًا أن نهنئ  بانتصار الجمهور الإسرائيلي حيث تنفذ الحكومة الجديدة إجراءات طموحة في قطاع الإسكان. أولاً، سن القانون الأساسي للحقوق الاجتماعية، الذي كرس، من بين أمور أخرى، الحق الأساسي في الحصول على سقف (مسكن). كانت هذه هي الخطوة الأولى في إنقاذ سوق الإسكان من "فكي" الرأسماليين. والأهم من ذلك: أن القانون أجبر الدولة على التعامل مع مشكلة الإسكان حتى في الأماكن التي لا يوجد فيها ربح، ولكن هناك التزام أخلاقي بتوفير سقف مستمر وآمن .

أما المرحلة الثانية فتمثلت في إنشاء كيانات قوية غير ربحية أخذت على عاتقها مهمة بناء وإدارة سوق الإسكان الجديد، مع الاستناد إلى البلديات والجمعيات أو النماذج القائمة، مثل شركة "عميغور" التابعة للمنظمة الصهيونية. . لاحقًا، ضمننا التخصيص المناسب للأراضي والميزانيات من خلال التشريع، الذي نص على تخصيص 60٪ من الأراضي التي يتم تسويقها من قبل سلطة أراضي إسرائيل للإسكان العام والإسكان غير الهادف للربح. قررنا أن كل مشروع بناء جديد سيتضمن تخصيصًا مشابهًا. وإذا لم يكن ذلك كافيًا، فإن سياسة الإسكان الجديدة في إسرائيل لعام 2030 تنص على أن نصف دخل سلطة أراضي اسرائيل من بيع الأراضي في السوق الخاص سيخصص لبناء وصيانة المساكن العامة.

كل هذا حدث عندما أدرك الجمهور الإسرائيلي أن أسعار المساكن ليست نتيجة قوى طبيعية.  كدنا ننسى، ولكن لسنوات تمكن الرأسماليون من السيطرة على سوق الإسكان والتصرف باحتكار شديد. لم يفعلوا ذلك بمفردهم. وعد السياسيون لمدة ثلاثة عقود بأن "السوق الحرة" ستؤدي إلى انخفاض الأسعار. من الناحية العملية، قامت حكوماتهم فقط بالترويج وبدعم كارتل البنوك ومبادري العقارات على الأراضي، بينما تُرك المواطنون الإسرائيليون من الطبقات الوسطى والدنيا في الخلف.

خلال هذه العقود، تضمنت برامج الإسكان الحكومية نفس السياسة تمامًا دون استثناء - نقل الأراضي إلى البنوك ومبادري العقارات. وقد تم ذلك في نماذج مختلفة بأسماء براقة، ولكن في النهاية كانت النتيجة واحدة: أرض بملكنا جميعًا نُقلت إلى شركات العقارات والبنوك، الذين ضاعفوا التكاليف وباعوا الشقق وباعوا الشقق بأسعار باهظة، وهكذا أصبح رجال الأعمال بمجال العقارات أكثر ثراءً، وحققت البنوك ثروة ضخمة واستمرت خزائن الدولة في النمو.

لكن هذه القصة كان فيها خاسرين: الغالبية العظمى من المواطنين الإسرائيليين، الذين لم يكن لديهم ما يكفي من المال لشراء شقة بأنفسهم. كان من بين هؤلاء المواطنين أسر من الطبقة الوسطى ذات قروض عقارية متضخمة وصلت إلى الإفلاس، والذين لا يملكون شقق ولم  لم يتمكنوا حتى من الحلم بامتلاك شقتهم الخاصة، بينما بالكاد تمكنوا من تلبية مدفوعات الإيجار الباهظة.

في مرحلة معينة، سئم مواطنو إسرائيل من كونهم في الجانب الخاسر من المعادلة. أدركوا أنهم لا يعانون من "أزمة" الإسكان، ولكن من سياسة متعمدة تهدف إلى إفادة الرأسماليين في إسرائيل. كان هذا الفهم أيضًا مفتاح الحل، لأنه إذا كانت المشكلة تتعلق بسياسة حكومية - يجب أن يمر الحل من خلال الانتقال إلى سياسة أخرى. فبدلاً من "العقارات" - بدأنا نتحدث عن سقف. وبدلاً من "الأرباح" - طالبنا بإسكان اجتماعي غير هادف للربح.

قيل لنا إنها كانت "رؤية خيالية"، لكننا ذكرناهم أن هذا ليس فقط ما يحدث في العالم - ولكن تم تطبيق سياسة مماثلة هنا، في السنوات الأولى لإقامة دولة إسرائيل. تدرك الدول الأوروبية الآن ما أدركه الإسرائيليون بوقت متأخر، وهي تركز على حلول الإسكان خارج السوق: ليس المساعدة في الإيجار في السوق الخاصة، ولكن الإسكان العام. لا يعود بالفائدة على رواد الأعمال والرأسماليين - بل هو دعم للإسكان غير الربحي الذي تديره الجمعيات والبلديات والسلطات المحلية. تبلغ نسبة المساكن العامة في أوروبا 12٪ من جميع الشقق (مقارنة بـ 2٪ في إسرائيل)، بالإضافة إلى العديد من نماذج الإسكان المدعوم غير الربحي (غير الموجودة هنا على الاطلاق). تعتبر النمسا مثالاً على دولة كهذه: 60٪ من الشقق فيها غير هادفة للربح، و 20٪ هي شقق عامة تديرها الدولة.

هذه هي بالضبط الحلول المطلوبة هنا أيضًا. تخيل أنه يوجد في إسرائيل 300 ألف وحدة سكنية عامة - أي ما يعادل 12٪ من العدد الإجمالي للشقق، كما هو الحال في المتوسط ​​في أوروبا. تخيل أن هناك مئات الآلاف من الشقق غير الهادفة للربح كما هو معتاد في العديد من البلدان. في مثل هذه الحالة - لن يكون هناك المزيد من "أزمة السكن". قد تستمر أسعار المساكن في الارتفاع، ولكن سيكون لكل فرد الحق القانوني في الحصول على سقف فوق رأسه، وسيتعين على الحكومة التأكد من تحقيق ذلك بالفعل. لقد أثبتت دولة إسرائيل في الماضي أنها تعرف كيف تقود مشاريع طموحة للبناء العام والإسكان العام الواسع. هذا هو بالضبط المكان الذي نحتاج إلى العودة إليه: سياسة تحدد الأهداف الاجتماعية، وتتولى زمام الأمور وتضمن أن يكون هناك سقف فوق رؤوس جميع المواطنين. هذا ما سيبدو عليه انتصارنا.

داني غيغي  هو الرئيس التنفيذي لمنتدى الإسكان العام، وهي منظمة جامعة لمجموعات مدنية تعمل على ترميم الإسكان العام كأداة مركزية في الحد من الفقر متعدد الأجيال. وقد تصور إسرائيل 2030 كجزء من مشروع "صورة النصر".

المحرر: ايلون توهار.