في بعض الأحيان عليك أن تقول المفهوم ضمنًا - دولة الرفاه هي الأساس لمجتمع قوي ومستدام. لا سيما في مجتمع مثل مجتمعنا، الذي لديه مجموعة متنوعة من السكان وأنماط الحياة والتفاوتات الاقتصادية، هناك حاجة إلى دولة رفاه قوية. ستكون بنية تحتية لحياة مشتركة ومجتمع مستقر وموحد وثقافة تضامن.

دولة يتمتع فيها كل شخص بالحق في العيش بكرامة، تحت سقف محترم دون خوف من الترحيل إلى الشارع، وطعام مغذي في الثلاجة، وإتاحة لخدمات صحية جيدة - (بما في ذلك الصحة النفسية)، والتعليم الجيد لأطفاله، الكهرباء والماء دون خوف من الانقطاع، وظيفة توفر رزق محترم ، وحتى الوقت والمال للترفيه والتسلية.

في الماضي، خلال الأوقات التي حاولوا فيها التفرقة بين الناس وفصلهم عن بعضهم البعض، ظهرت مثل الفطر بعد المطر القوانين والقرارات الحكومية التي وجهت الأموال والميزانيات والخدمات والحقوق إلى مجموعات سكانية معينة، بدلاً توجيهها لكامل السكان. قوضت هذه التحركات مبادئ دولة الرفاه.

لكن كما أضروا بدولة الرفاه في العقود السابقة، تمكنا من إصلاحها. كيف حققنا هذا؟ بدأ كل شيء بسياسة الحكومة وتخصيص الميزانيات - وبدون طريقة المطابقة، الأمر الذي يضر بالسلطات المحلية التي لديها موارد أقل، ولكننا جميعًا في الواقع. الميزانيات مضمونة ضمن قانون خدمات الرفاه الجديد، والذي حل محل قانون الرعاية. ينظم القانون التزامات الدولة في مجال الخدمات الاجتماعية، والتي لا يمكن إتلافها أو قطعها، ويثبت الميزانيات المطلوبة لذلك.

تعمل دولة الرفاه لدينا على أساس عدة مبادئ أساسية:

المبدأ الأول هو ضمان الخدمات الاجتماعية الشاملة، قدر الإمكان، والمتاحة للجميع، والسخية والتي تضع القيود أو الحواجز التي تحول دون الحصول عليها. لقد ثبت في الماضي أن المخصصات الانتقائية، أي تلك التي تتطلب إجراءات كثيرة لتلقيها، تُسحب بنسب أقل ولا تصل إلى كل من يحتاجها. هذا صحيح ليس فقط للمعاشات التقاعدية. في الماضي، كان العديد ممن يحتاجون إلى الخدمات يجدون صعوبة في استهلاكها، وفي بعض الأحيان لم يكونوا يعرفون بوجودها. الخدمات الاجتماعية مطلوبة الآن لتكون متاحة الوصول وسهلة للجميع.

نهاية الخصخصة - خدمات الرفاه ليست تجارة مربحة. إنهم يطالبون بإنفاق الموارد وتخصيصها لصالح أولئك الذين يحتاجون إليها، مع إدراك أنها تعزز الحصانة الاجتماعية وقد توفر المال للدولة على المدى الطويل. بمجرد أن تصبح خدمة ربحية، من الصعب تجنب أي ضرر - سواء في جودة الخدمة أو أجور الموظفين أو النزاهة أو تنوع الخدمات المقدمة. أوقفنا خصخصة الخدمات الاجتماعية وهي الآن تقدم من قبل الوزارات الحكومية المختصة والسلطات المحلية.

هناك خدمات تشمل بشكل أساسي سيطرة واسعة على حياة الناس. على سبيل المثال، المساكن المغلقة (مثل مأوى الشبيبة)  وأقسام الاستشفاء لأولئك الذين يعانون من الأمراض العقلية والنفسية، ودور رعاية المسنين الذين لا حول لهم ولا قوة، وغير ذلك. هذه خدمات حساسة تتحمل الدولة مسؤوليتها المباشرة وتشرف عليها وتتأكد من أن العاملين فيها مناسبين بالفعل. من الواضح الآن أن المكاسب المالية لا ينبغي أن تكون في الاعتبار بالنسبة لهم.

التنظيم والأجور - "أدوات العمل" في الخدمات الاجتماعية هم العمال والعاملين أنفسهم. كثير منهم عاملين وعاملات اجتماعيات، لكن ليس فقط. كما هو الحال في المستشفى، من الواضح لنا أنه يجب علينا الاستثمار في المعدات المتطورة وفي المصنع يجب صيانة الآلات - وكذلك في خدمات الرعاية الاجتماعية - يجب علينا الاهتمام بالعاملات والعاملين. الاستثمار في التدريب، في الدعم العاطفي والمهني، وكذلك في راتب يمكّن من المثابرة في المهنة لسنوات ويحترم العاملين فيها.

قبل بضع سنوات، ناضل اتحاد العاملات والعاملين الاجتماعيين، بل حقق إصلاحًا في هيكل الأجور، وهو الأساس لتحسين الأجور منذ التغيير الأساسي في هيكل نظام الرعاية الاجتماعية. الآن، نركز أيضًا على التنظيم. كما هو الحال في المدرسة، ليس من المنطقي وجود مدرس واحد لكل 80 طالبًا، فهذه هي الطريقة التي حددنا بها التنظيم في الخدمات الاجتماعية أيضًا. ذات مرة، عالج عامل اجتماعي في قسم الخدمات الاجتماعية مئات العائلات. أدى هذا الوضع إلى زيادة الاستنزاف وإعاقة القدرة على تقديم خدمة جيدة. في الوقت الحاضر، لم يعد هذا ممكنًا - تم تحديد صيغة واضحة لنطاق عمل ومسؤولية كل عامل اجتماعي.

الخدمات الوقائية وليس فقط في حالات الطوارئ - قمنا بزيادة الخدمات الوقائية واستثمرنا في العلاجات طويلة الأمد. في حالات الطوارئ، التردد بشأن تقديم الخدمات صار أقل. في حالة إساءة معاملة الأطفال أو العنف أو أثناء وقوع حادث أمني - يدرك الجميع الحاجة إلى استجابة فورية من العامل الاجتماعي والمختصين الآخرين في مجال الرعاية. ولكن هناك أيضًا خدمات تتعامل مع العمليات طويلة الأجل ويمكن أن تمنع الأحداث المتطرفة، على سبيل المثال، مراكز علاج الأسر، للأطفال ذوي الإعاقة، عيادات الصحة النفسية، خدمات إعادة التأهيل للخارجين عن القانون وغير ذلك. تم تقليص هذه الخدمات في عملية طويلة من التسبب بالضرر، عندما لم يكن هناك رعاية وقائية يمكن الوصول إليها، والتي دعمت الأفراد والأسر في لحظات من الصعوبة، شهدنا زيادة في الحالات القصوى، مثل وباء الكورونا، عندما اجبر الناس على البقاء في بيوتهم، مثل "طنجرة الضغط"، ورأت الدولة أنه من المنطقي إغلاق خدمات الرعاية الاجتماعية.

نظرًا لأن دولة الرفاه تعمل وفقًا لهذه المبادئ، فمن الأفضل لنا جميعًا – للعاملات اللواتي يقدمن النظام، ولكن بشكل خاص بالنسبة لنا ، الذين يحتاجون إلى خدمات اجتماعية عالية الجودة وواسعة النطاق. في عام 2023 ناضلنا  من أجل الديمقراطية وضمنّا وجودها، لكننا لم نتوقف – لقد نجحنا بضمان وترسيخ دولة الرفاه الخاصة بنا في القوانين والميزانيات، بحيث تكون شاملة ومستقرة.

ميخال مايرس، عاملة اجتماعية وعضوة في اتحاد الأخصائيين الاجتماعيين. تصورت إسرائيل 2030 كجزء من مشروع "صورة النصر".